ما هو العجز التجاري؟
العجز يعني أن السودان يشتري من العالم أكثر مما يبيع له. الفرق - 2.49 مليار دولار - يجب تغطيته بطريقة ما: إما بالاستدانة، أو استنزاف الاحتياطيات، أو المساعدات الخارجية.
ماذا يخبرنا هذا الرسم؟
خلال 10 سنوات كاملة، لم يحقق السودان فائضاً تجارياً ولو لسنة واحدة. الواردات دائماً أعلى - أحياناً بثلاثة أضعاف. في 2022 وصل العجز لأعلى مستوى: 6.7 مليار دولار.
سؤال للتأمل
حجم التجارة الكلي انخفض من 15.4 مليار $ في 2022 إلى 6 مليار $ المتوقع في 2025. هل هذا الانكماش "تحسن" لأن العجز قل؟ أم أنه علامة على اقتصاد يتقلص وينعزل عن العالم؟
| السنة | الصادرات (مليار $) | الواردات (مليار $) | العجز (مليار $) |
|---|---|---|---|
| 2015 | 3.17 | 9.51 | -6.34 |
| 2016 | 3.09 | 8.31 | -5.22 |
| 2017 | 4.10 | 9.13 | -5.03 |
| 2018 | 3.48 | 7.85 | -4.37 |
| 2019 | 3.73 | 9.29 | -5.56 |
| 2020 | 3.80 | 9.84 | -6.04 |
| 2021 | 5.03 | 9.89 | -4.87 |
| 2022 | 4.36 | 11.09 | -6.74 |
| 2023 | 3.63 | 7.50 | -3.87 |
| 2024 | 3.13 | 4.91 | -1.78 |
| 2025 (9 أشهر) | 1.79 | 4.28 | -2.49 |
الصفوف المظللة بالأحمر = سنوات الحرب
لاحظ كيف انخفض حجم التجارة بشكل حاد بعد أبريل 2023. العجز "تحسن" ظاهرياً، لكن السبب هو انهيار القدرة على الاستيراد - وهذا يعني نقص حاد في السلع الأساسية للمواطنين.
الذهب يهيمن على كل شيء
في 2022، شكّل الذهب 46% من إجمالي الصادرات. وفي 2025، ارتفعت النسبة إلى 59%. هذا ليس لأن صادرات الذهب زادت، بل لأن باقي الصادرات انهارت.
السودان ينتج 80% من الصمغ العربي في العالم
لكنه يصدره خاماً بـ 67 مليون $ فقط. لماذا لا نصنّعه ونضاعف قيمته؟
انخفاض 77%
السمسم السوداني من أجود أنواع السمسم عالمياً. في 2019 كان يدر 772 مليون دولار سنوياً. الآن بالكاد يصل لربع هذا الرقم. أين ذهب الإنتاج؟ من يزرع الأرض؟
صدمة 2022
في 2022، قفزت فاتورة البترول من 1.25 مليار $ إلى 2.9 مليار $ - زيادة 130% في عام واحد بسبب الأزمة العالمية. هذا وحده رفع العجز التجاري لأعلى مستوى تاريخي.
المواد الغذائية: 1.3 مليار $ (30% من الواردات)
| المنتج | 2022 | 2024 | التغير |
|---|---|---|---|
| القمح والدقيق | 2,854 م $ | 1,249 م $ | -56% |
| السكر | 647 م $ | 661 م $ | +2% |
انخفاض واردات القمح 56%
هل هذا لأن السودان أصبح ينتج قمحه محلياً؟ لا. الانخفاض يعني أن الناس لا يستطيعون شراء الخبز، أو أن الموانئ والطرق معطلة، أو أنه لا توجد دولارات كافية للاستيراد.
السلع الصناعية والآلات
| الفئة | 2022 | 2024 | التغير |
|---|---|---|---|
| السلع المصنعة | 1,404 م $ | 667 م $ | -52% |
| الآلات والمعدات | 1,080 م $ | 448 م $ | -59% |
| الأدوية | 572 م $ | 300 م $ | -48% |
واردات الأدوية انخفضت للنصف
في وقت الحرب والأزمة الصحية، السودان يستورد أدوية أقل بـ 48% من 2022. كيف يؤثر هذا على المستشفيات؟ على المرضى المزمنين؟ على الأطفال؟
المنتجات البترولية
انخفاض 69% في واردات الوقود
هذا يفسر طوابير البنزين والانقطاعات. السودان ببساطة لا يستورد وقوداً كافياً لتشغيل الاقتصاد. بدون وقود: لا نقل، لا كهرباء، لا مصانع، لا مضخات مياه للزراعة.
السودان يملك أراضٍ زراعية شاسعة ومياه النيل
لكنه ينفق 1.3 مليار $ سنوياً على استيراد الطعام. لماذا لا نزرع قمحنا وسكرنا؟
نصف الصادرات لدولة واحدة
الإمارات تستقبل 51% من صادرات السودان - معظمها ذهب. ماذا يحدث لو غيرت الإمارات سياستها التجارية؟ أو فرضت شروطاً جديدة؟ هل لدينا بدائل؟
| الدولة | نبيع لها | نشتري منها | الميزان |
|---|---|---|---|
| الإمارات | 2,233 م $ | 2,233 م $ | متوازن ≈ |
| الصين | 285 م $ | 1,186 م $ | -901 م $ |
| السعودية | 505 م $ | 1,131 م $ | -626 م $ |
| الهند | 94 م $ | 891 م $ | -797 م $ |
| مصر | 413 م $ | 821 م $ | -408 م $ |
مع الصين: نخسر 901 مليون $ سنوياً
نشتري من الصين آلات ومصنوعات بأضعاف ما نبيع لها. هل يمكننا إنتاج بعض هذه السلع محلياً؟ أم على الأقل تصدير المزيد للصين لتقليل الفجوة؟
1. لماذا نصدر الذهب خاماً؟
الذهب يشكل 59% من صادراتنا. لكننا نصدره كمعدن خام للإمارات. لو صنعناه محلياً (مجوهرات، سبائك مختومة) هل ستزيد قيمته؟ دول مثل إيطاليا وتركيا حولت الذهب المستورد لصناعة مجوهرات تصديرية ضخمة.
2. أين ذهب القطن السوداني؟
في الخمسينيات، كان القطن السوداني من أجود أنواع القطن عالمياً ويشكل عصب الاقتصاد. اليوم يصدر بـ 45 مليون $ فقط - أقل من 3% من الصادرات. مشروع الجزيرة كان من أكبر مشاريع الري في العالم. ماذا حدث له؟
3. لماذا نستورد السكر؟
السودان ينفق 661 مليون $ سنوياً على استيراد السكر. لكن لدينا مصانع سكر (كنانة، الجنيد، سكر النيل الأبيض). لماذا لا تنتج ما يكفي؟ هل المشكلة في الإدارة؟ التمويل؟ الصيانة؟ الحرب؟
4. 80% من الصمغ العربي العالمي سوداني
الصمغ العربي يدخل في صناعة المشروبات الغازية، الأدوية، مستحضرات التجميل، والحلويات. شركات مثل كوكاكولا وبيبسي تعتمد عليه. لكننا نصدره خاماً بـ 67 مليون $ فقط. لو أنشأنا مصانع لتكريره وتعبئته، كم ستكون قيمته؟
5. من يستفيد من تجارة الذهب؟
1.05 مليار $ من الذهب تصدر سنوياً. كم من هذا يذهب لخزينة الدولة؟ كم للمنتجين الصغار في مناطق التعدين؟ كم يُهرَّب دون تسجيل؟ البيانات الرسمية قد لا تعكس الصورة الكاملة.
السؤال الأكبر
السودان بلد غني بالموارد: ذهب، أراضٍ زراعية، نيل، ثروة حيوانية، صمغ عربي.
لكن المواطن يعاني من نقص الخبز والوقود والدواء.
أين تذهب هذه الثروات؟
الاقتصاد السوداني يعاني من مشاكل هيكلية عميقة
- اعتماد خطير على سلعة واحدة: 59% من الصادرات ذهب. أي انخفاض في سعره العالمي يضرب الاقتصاد.
- فشل في تنويع الصادرات: القطن، السمسم، الفول السوداني - كلها انهارت مقارنة بعقود سابقة.
- عجز عن الاكتفاء الغذائي: رغم الأراضي والمياه، نستورد طعامنا بمليارات الدولارات.
- تركز جغرافي خطير: نصف صادراتنا لدولة واحدة، ونعتمد على 5 دول للاستيراد.
- تصدير خامات بدل منتجات: نصدر الذهب والصمغ والسمسم خاماً بدل تصنيعه.
الحرب تسرّع الانهيار لكنها ليست السبب الوحيد
قبل أبريل 2023، كان العجز التجاري موجوداً منذ عقود. الحرب كشفت هشاشة كانت موجودة أصلاً. حتى لو انتهت الحرب غداً، الاقتصاد يحتاج إصلاحات جذرية ليقف على قدميه.